اللقطة الرابعة: شجرة الخلد {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى} (طه120) هناك
الكثير من الأشجار في الجنة ولكن الشيطان يوسوس له أن يأكل من هذه الشجرة، فيجعلك ترى غير المقدور عليه أفضل
وأجمل مما في يديك فالمرض الرابع هو الطمع
اللقطة الخامسة: توبة آدم، فالتوبة علاج الأمراض. عندما أكل آدم من الشجرة غضب الله فجرى آدم وحواء في الجنة
فقال الله له "أفرارا مني يا آدم قال لا يارب ولكن حياءً" فهذا هو الفرق بين آدم وإبليس.
ونزل آدم من الجنة وهو يبكي على ذنبه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة
من كبر"، فبكى آدم على الرغم من توبة الله عليه فناداه الله "يا آدم لا تجزع من قولي لك اخرج منها فلك خلقتها ولكن
انزل إلى الأرض وابذر بذر التقوى فإذا اشتقت إلى الجنة تعالى أدخلك إياها، يا آدم إذا عصمتك وعصمت بنيك من
الذنوب فعلى من أجود برحمتي وأنا الغفور الرحيم، يا آدم كنت تدخل علينا في الجنة دخول الملوك على الملوك واليوم
تدخل علينا دخول العبيد على الملوك وذلك أحب إلينا، يا آدم ذنب تتذلل به إلينا أحب إلينا من طاعة تراءي بها علينا، يا
آدم أنين المذنبين أحب إلينا من تسبيح المتكبرين".
تعرف على ذاتك من خلال قصة قابيل وهابيل. يجب أن تعالج الأمراض الستة: الكبر، والحسد، والبخل، والطمع، والعند،
والغضب، ستساعدك حلقة اليوم على أن تتعرف على هذه الأمراض وتعالج نفسك.
نزول آدم وحواء على الأرض
نزل آدم وحواء الأرض، فبدأ آدم في العمل وبذل الجهد فكان يحتاج إلى المأوى والأكل على عكس الجنة {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ
فِيهَا وَلَا تَعْرَى} (طه118) ولكنه نزل الأرض التي فيها الحر والبرد، والشتاء والصيف، والجوع والشبع، والحزن
والفرح، والنجاح والفشل، والوحوش والحيوانات، فكان يحتاج إلى من يساعده فبدأت غريزة الولد، وحملت حواء في
توأم: ولد وبنت، فسمى الولد قابيل، ثم حملت في توأم آخر ولد وبنت، فسمى الولد هابيل، وبدأت أول عائلة، وبدأ آدم
يمارس دوره كأب لعائلة، وبدأ يحكي لأولاده عن سجود الملائكة له، وأن الرحم معلقة بالعرش، وعن حسد إبليس له
وأنه أكل من الشجرة هو وحواء، وحذرهم من إبليس.
وبدأ الأولاد تكبر وتظهر ملامحهم؛ فكان هابيل أقوى جسمانيا لكنه أكثر حنانا من قابيل ولطيف ورقيق أما قابيل فكان
قاسيا وعنيفا وشريرا، لكن ما ذنبه في ذلك؟ يقول البعض إن الله قد خلقه هكذا وليس له ذنب، لكن ذلك خطأ؛ فهو الذي
اختار. عندما نزل آدم وأراد العيش كانت هناك مهنتان: الزراعة والرعي، فبدأ بتوزيع المهام على الأولاد، قابيل يعمل في
الزراعة، وهابيل يعمل في الرعي. كان هابيل نشيطا ويريد أن يتعلم من أبيه الأسماء كلها الذي علمها الله له أما قابيل
فكسلان لا يريد العمل ولا يريد بذل الجهد. بعد فترة بدأ هابيل يتميز وتظهر قدراته ومواهبه وإمكاناته على عكس قابيل
الذي لم تظهر إمكاناته ولم تظهر قدراته، الله عادل، جميع الناس لديهم القدرة نفسها ولكن تختلف بعد ذلك عن طريق
الاجتهاد و بذل الجهد، فبدلا من أن يركز قابيل على نفسه بدأ في التركيز على أخيه، فبدأ الحسد وهكذا تنشأ أمراض
النفوس، وهذه أول رسالة للآباء والأمهات: إياك أن تترك ابنك للكسل، يجب أن يعمل في الصيف، ويلعب رياضة ويتعلم
مهارات. اكتشف مهارات ابنك حتى لا يبدأ الحسد والغيرة من إخوته وتبدأ المشاكل وأمراض النفوس. فالكسل بداية
الحسد وأمراض النفوس وعدم اكتشاف القدرات. رسالة لكل شاب: ركز على نفسك، نافس نفسك، تعلم، اعمل. فقصة
قابيل مهداه لكل كسلان لا يريد العمل وبذل الجهد.
كبر الأولاد ووصلوا إلى سن الزواج، وكان الشرع في ذلك الوقت هو ألا يتزوج أحد من توأمته لكن يتزوج من التوأم
الآخر، فيتزوج قابيل من أخت هابيل، ويتزوج هابيل من أخت قابيل فبدأ الشيطان يلعب دوره مرة أخرى، فيجعلك ترى
غير المقدور عليه أحلى مما في يديك، فقال لقابيل إن أختك أحلى فلا تتزوج أخت هابيل وبدأ الطمع، لذلك أمرنا الله تعالى بغض البصر. هناك رسالة أخرى للآباء وهي ألا يعطي ابنه كل شيء يريده حتى لا يتعلم الطمع، كان عمر بن الخطاب
يسير مع أحد التابعين في السوق، وكان كلما يرى شيئا يعجبه يقول إنه يريد أن يشتريه فقال له عمر"أوَ كلما اشتهيت اشتريت؟".
فماذا قال إبليس لقابيل؟ كان يعيب له في مواصفات الجمال لكي يلهي العين عن صفاتها كالحنان والرقة والوفاء. هل أنت
ملهي عن جمال المرأة الحقيقي؟ كان آدم يحاول مع ابنه لكي ينمي نفسه و مواهبه لكن قابيل كان عنيدا، فهل أنت عنيد
مع أهلك؟ هل أنت متكبر؟ هل أنت حسود؟ هل أنت طماع؟
قربان قابيل وهابيل
فكر آدم في فكرة وهي مسابقة بين الولدين - وهذه نصيحة للآباء إذا كان أحد الأبناء كسلان أن يحفزه بالمسابقات- فقال
لهما آدم أن قدما قربان والله يختار ويحكم ويتقبل القربان الأجمل الذي بُذل فيه مجهود أكثر، لكن آدم ليس طرفا، وهذه
نصيحة للآباء ألا يكونوا طرفا بين أولادهم. يقول الله تعالى {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن
أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ...} (المائدة27)، قدم قابيل أسوأ زرع عنده، فهو طماع وبخيل، أما هابيل فقدم أسمن عجلا
عنده، فكان هناك منافسة وتحدٍّ، فقدما القرابين، هنا نصيحة إذا كنت تدخل على موضوع كبير كزواج، أو امتحان، أو
عمل تقرب إلى الله بعمل يحبه كالصدقة، أو الذهاب للحج، أو عمرة، أوصيام، أو قيام، أو افعل أي شيء يحبه الله تعالى
تتقرب به إليه.
أيضا، بمجرد أن قدّم قابيل وهابيل القرابين أوحى الله إلى آدم أنه تقبل من هابيل ولم يتقبل من قابيل، فعرفا النتيجة
مباشرة أما نحن فستعرف نتائج أعمالنا يوم القيامة، وذلك لأن الله لو قال لنا في الحال نتيجة أعمالنا، وهل تقبلها أم لا؟
لزاد الحسد والغيرة، وذلك حتى نتعايش سويا في الدنيا ونمنع الحسد والغيرة بين الناس فهذه رحمة من الله تعالى.
هناك أربع نصائح للآباء
أولا : لا تدع أبناءك للكسل
ثانيا : اكتشف موهبة ابنك
ثالثا : لا تبدأ بالعقوبة
رابعا : حفز أبناءك بالمسابقات
{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ...} لم يفكر بل قال
(لأقتلنك) بلسانه، فهو لم يقصدها في المرة الأولى لكنه قالها غضبا فقد تمكنت منه، فهل أنت غضوب؟ ما مستوى
الغضب عندك؟ ماذا تفعل عند الغضب هل تصيح؟ هل تكتم الغضب؟ أم تضرب؟ أم تهين؟ أم تشتم؟ أم تؤذي؟ فقد وصل
قابيل لمرحلة خطيرة لأنه لم يعالج نفسه. هل أنت أقرب إلى قابيل أم هابيل؟ يجب أن تعالج نفسك فالأخلاق تتغير
بالمجاهدة.
إذا تخيلنا الحوار بين آدم وحواء سنجد آدم يقول لحواء إن ابنهما كرر الخطأ نفسه واستمع إلى الشيطان، وإذا تخيلنا
الحوار بين حواء والبنات سنجدها تقول أنتن حضن العائلة، وإذا تخيلنا الحوار بين حواء وقابيل سنجدها تحذره من قطع
الرحم؛ لذلك يجب علينا صلة الرحم، يقول الله تعالى في الحديث القدسي "أنا الرحمن وهي الرحم اشتققت لها اسمًا من
اسمي من وصلها وصلته ومن قطعها قطعته"، يقول النبي صلى الله عليه وسلم "إن الرحمة لا تنزل على قوم بهم قاطع
رحم"، وإذا تخيلنا الحوار بين آدم وهابيل سنجده ينصحه بالصبر على ما يفعله أخوه قابيل فقد كانت العائلة تحتاج إلى
الحوارات، فأحيانا المشاكل تكون مفيدة وتكون المشكلة نقطة قوة وليست ضعفا لبدء الحوارات بين أفراد العائلة.
لدى قابيل ستة أمراض أخطرها: الكبر والحسد؛ فالحسد هو كراهية أن ترى النعمة على شخص آخر وتتمنى أن تزول
عنه، وهو حرام أما الغبطة فهي حلال، وهي أن تتمنى أن يكون لديك ما عند شخص آخر فهي ليست حراما. الحسد
مراتب: تحسد ثم تستغفر، تحسد وتتضجر منه، تحسد فتتجنبه ولا تتعامل معه، وتحسد فتؤذي، وتحسد فتوقف مسيرته
{وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} (الفلق 5) أي إذا تحولت الفكرة إلى طريقة لإزالة النعمة عنه فالحسد مصيبة؛ لأنك تتدخل في
إرادة الله وفي توزيع النعم والأرزاق. يقول النبي صلى الله عليه وسلم "إياكم والحسد فلا يجتمع حسد وإيمان في قلب
عبد"، ويقول "الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب". فالمجتمع مليء بالحسد في هذه الأيام. فهل تحسد أحدا؟ هل
عطلت مسيرة أحد؟ هل قمت بإيذاء أحد؟
كيفية علاج الأمراض الستة
يجب على كل شخص أن يكلم رحمه ويصل رحمه، فاليوم هو صلة الرحم، أيضا يجب أن تكتب الستة أمراض وتعالجهم
هل أنت متكبر؟
الحل: تواضع للفقراء، قم بزيارة المساكين، اعطف على الضعفاء.
هل أنت عنيد؟
الحل: قم بطاعة أهلك وتأسف لهم، أو اتصل برحم مقطوعة لإزالة العند، أو صالح زوجتك بنية إزالة العند.
هل أنت طماع؟
الحل: امنع نفسك عن بعض ما تشتهي وغض بصرك.
هل أنت بخيل؟
الحل: اخرج صدقات لكي تتخلص من البخل.
هل أنت غضوب؟
الحل :امسك نفسك عن الغضب كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم "لا تغضب" وتوضأ
كلما تغضب.
هل أنت حسود؟
الحل: ركز على نفسك ونافس نفسك.
لتحميل الحلقة